الغيرة و الغبطة

وما بينهما

 


في هذه الحياة ومنذ بدء الخليقة كانت الغيرة هي الصراع الذي دار رحاه بين الإنسان والشيطان ، هو ذلك الحديث الذي دار في النفس في كيفية تجريد الآخر مما يملكه وزوال نعمته ، وقد كان ، فأُخرج آدم عليه السلام من الجنة . 


فالغيرة هي تلك المشاعر التي تستحوذ على قلبك لتقودك نحو إيذاء الآخر لعدم القدرة في إنجاز أو امتلاك أو تحقيق ما عنده ، فيسعى العاجز المتربص إلى توجيه الكيد والأذى إلى الطرف المقابل وكلما حقق ما يصبو إليه شعر بالرضا الممزوج بالحقد .


 ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ؟ ألم يكن من الأولى به أن يسعى إلى تسخير تلك الإمكانات في محاولة تحسين قدراته أو مهاراته أو تحسين مظهره بدلاً من النظر إلى غيره وحسراته تأكل أخضر نفسه ويابسها ؟؟ 


 


عزيزتي و عزيزي القارئ عندما تكون ذا نفسيته سوية تتولد عندك الغبطة لما كان ويكون عند الآخرين فتسعى إلى بذل الوقت والجهد لتكون مثله بل وأفضل منه ، فالغبطة شعور يدفعك إلى الأمام إلى أن تكون خيرا مما كنت ونسخه مستقبلية خيراً من حاضرها ، فهي كالوقود المتجدد الذي يؤدي إلى منحك السعادة التي لن تشبع الروح منها . 


فالغبطة هي نقطة انطلاق المنافسة التي اذا تمت إدارتها بالشكل الصحيح ، أدت إلى الارتقاء والتمييز ونرى ذلك جلياً في بيئة العمل باختلاف قطاعاتها ، بل وحتى على صعيد حياتنا اليومية . 


فالمنافسة هي العامل الاقوى الذي يدفع الفرد والمؤسسات إلى التطوير ومحاولة تحسين المهارات والقدرات للوصول إلى الهدف وتحقيق الغايات . 


لكن وجب علي بأن أشير إلى أن هنالك حدود لا ينبغي علينا تجاوزها وعدم الانقياد والانجرار وراء الآخرين ، ومثل ذلك ما نراه على الصعيد الإجتماعي كمحاولة تقليد أحد ما إلى درجة الهوس والوصول إلى مرحلة طمس معالم ذاتك التي تفردت بها دون أن تدرك ، فالكل انسان أكان ذكرا ام انثى له مايميزه عن غيره من الأقران ويبدأ ظهور تلك المعالم في عمر الطفولة وهنا يأتي دور البيئة المحيطة في إبرازها وتشذيبها وزرع قيم التسامح والمحبة وتمني الخير للجميع والسعي إلى إثبات الوجود والتميز من خلال السعي و العمل على ذلك في جو تنافسي يقود إلى الإبداع والنجاح . 


فكل إنسان هو إبن للبيئة التي نشأ بها ونهل من روافدها المتعددة . 


لذا ردد في نفسك دائماً نعم للغبطة والمنافسة وازرعها في نفوس الأطفال ، وابذل ما استطعت ليعمل بها الكبار .


 


العنقاء


  حلب   19/4/2024